الحرب التجارية الشاملة- تصعيد الرسوم الجمركية وتهديد الاقتصاد العالمي

المؤلف: محمد صديق (القاهرة)11.16.2025
الحرب التجارية الشاملة- تصعيد الرسوم الجمركية وتهديد الاقتصاد العالمي

انطلقت شرارة حرب تجارية عالمية ضارية اليوم (الأربعاء)؛ وذلك بعد سريان الرسوم الجمركية الشاملة التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على نطاق واسع من الدول، مُوقِدةً بذلك سلسلة من ردود الأفعال الانتقامية المتسارعة من جانب كل من الصين والاتحاد الأوروبي.

وفي تصعيد لافت، أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض رسوم جمركية على بضائع أمريكية تقدر قيمتها بنحو 21 مليار يورو (أي ما يعادل 23.2 مليار دولار أمريكي)، وذلك كرد فعل مباشر على الرسوم الأمريكية التي فُرضت في شهر مارس الماضي بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم الأوروبية.

وقد حظيت هذه الإجراءات العقابية بدعم الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، وتقرر البدء في تنفيذ بعض هذه الإجراءات اعتبارًا من منتصف شهر أبريل، مُستهدفةً بذلك سلعًا استراتيجية من ولايات أمريكية ذات حساسية سياسية بالغة، مثل فول الصويا والماس والدراجات النارية.

وفي تطور مفاجئ، أعلن ترمب (الأربعاء) عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على الصين لتصل إلى 125%، مؤكدًا أن هذا القرار سيصبح ساري المفعول على الفور.

جاء قرار ترمب في خضم تصاعد وتيرة الحرب التجارية المحتدمة بين أكبر قوتين اقتصاديتين على مستوى العالم، إذ بادرت بكين، (الأربعاء)، بالرد بفرض رسوم جمركية بنسبة 84% على البضائع الأمريكية، وذلك انتقامًا من الرسوم الجمركية التي أعلنت واشنطن في وقت سابق عن فرضها على السلع الصينية بنسبة 104%.

وكتب ترمب عبر حسابه على منصة «تروث سوشال»، معللًا قراره: "نظرًا لقلة الاحترام التي أبدتها الصين تجاه الأسواق العالمية، فقد تقرر رفع التعريفة الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين إلى 125%؛ مضيفًا أن هذا القرار سيُنفذ على الفور دون تأخير".

وأضاف: "في مرحلة ما، ونأمل أن يكون ذلك في المستقبل القريب، ستدرك الصين أن أيام استغلال الولايات المتحدة ودول أخرى قد ولت إلى غير رجعة، وأن هذا الوضع لم يعد مقبولاً أو قابلاً للاستمرار بأي شكل من الأشكال".

وقد جاءت هذه الخطوة التصعيدية بعد ساعات قليلة من دخول الرسوم الجمركية الأمريكية الشاملة حيز التنفيذ الفعلي، مما يعكس تصاعدًا غير مسبوق في حدة التوترات التجارية بين الأطراف المعنية.

وفي الولايات المتحدة، بدأ تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة على 60 دولة، بالإضافة إلى فرض رسوم أساسية بنسبة 10%، الأمر الذي أثار مخاوف واسعة النطاق من تداعيات اقتصادية وخيمة قد تترتب على هذه الإجراءات.

ويرى ترمب في هذه السياسات وسيلة لإعادة تشكيل ملامح الاقتصاد العالمي بما يصب في مصلحة أمريكا، وإرساء دعائم نظام تجاري أكثر عدالة وإنصافًا، بينما يحذر خبراء اقتصاديون بارزون من أنها قد تفضي إلى تفكك التحالفات الدولية القائمة وتؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي شامل.

ووفقًا لتقديرات دقيقة صادرة عن مختبر الميزانية في جامعة ييل، فإن الرسوم الجمركية ستكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة ما يقرب من 3800 دولار سنويًا، مع تأثيرات سلبية مضاعفة على الأسر الأفقر والأكثر احتياجًا.

وقد شهدت الأسواق العالمية اضطرابات وهزات عنيفة، وتكبدت خسائر فادحة تقدر بتريليونات الدولارات، كما أقبل المواطنون على تخزين السلع الأساسية تحسبًا لارتفاع محتمل في الأسعار نتيجة لهذه التطورات.

من جانبه، دعا وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي الشركات إلى تجميد استثماراتها في الولايات المتحدة، محذرًا من حالة ارتباك شديد تسود الأوساط الاقتصادية، بينما أشار وزير المالية الألماني يورج كوكيس إلى المخاطر المحدقة بحدوث ركود اقتصادي جديد في منطقة أوروبا.

وفي الصين، تعهدت شركات حكومية بتقديم تدخلات عاجلة لدعم أسواق الأسهم التي تضررت بشدة جراء هذه الاضطرابات المتزايدة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة